للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: خمس كنّ في الأمم قبلنا قد أصبحن فينا، قال الله: ﴿أَ تَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَ تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَ إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبّارِينَ﴾ (١) وخلّتان أخريان ذكرهما لا أحفظهما، فظنّ ابن زياد أنّه لم يقل له هذا القول إلا وهو في جماعة من أصحابه، فقام فانصرف وترك رهانه، فقيل لعروة: ما صنعت؟ والله ليقتلنّك، فتوارى عروة وطلبه ابن زياد فخرج إلى الكوفة، فأخذه ابن أبي بكرة وكتب إلى ابن زياد: إنّي أخذت عروة بن أدّيّة بسرب فظنّ ابن زياد أنّه كتب: «وجدته يشرب» فلما أتي به أمر فقطعت يداه ورجلاه، ثم قال: كيف ترى؟ قال: أفسدت دنياي وأفسدت عليك آخرتك، ثم بعث برأسه إلى ابنته، فجاءت وجثّته مطروحة بين يدي ابن زياد، فقال لها: أنت على دينه؟ قالت: وكيف لا أكون على دينه وما رأيت قطّ خيرا منه، فأمر بها فقتلت مع أبيها.

وأنشدني أبو الكردي الإباضي لعمران بن حطّان أو سعيد بن مسجوح:

لقد زاد الحياة إليّ بغضا … وحبّا للخروج أبو بلال

وعروة بعده سقيا ورعيا … لعروة ذي الفضائل والمعالي

أخاف أن أموت على فراشي … وأرجو الفتك تحت ذرى العوالي

ولو أنّي وثقت بأنّ حتفي … كحتف أبي بلال لم أبال (٢)


(١) - سورة الشعراء - الآيات:٢٨ - ١٣٠.
(٢) - ديوان شعر الخوارج ص ١٥٨ - ١٥٩.