فأخذناه، فقال له ابن زياد: لا تُرعٍ فكان دليلنا حتى وردنا الشام، فقال الرجل: عهدنا بابن زياد يأكل في كل يومٍ أكلاتٍ أولها عناق أو جدي يتخير له، فكان يأكل وهو يريد الشام أقل مما يأكله أحدنا ويقول: الأكل مع الأمر والسرور.
وقال أبو عُبيدة قال يونس بن حبيب: فاقتلوا مسعوداً وهرب ابن زيادٍ إلى الشام أقبلت فعمة ابنة مسعود وقد ركبت دابة موكفة، وولت وجهها قبل ذنبها، وسدلت شعرها وتجلببت مسحها ومعها نادبة تقول:
مسعود من يقتل بك … احنف لا نعطي بك
ثم أتت مالكاً وهو واقف في سكة المربد وقد رجع من تحريق دور بني العدوية فقال: ارجعي، فقالت: لا أو أوتى برأس الأحنف، فأتوها برأس من رؤوس القتلى ضخمٍ فأزمت بأنفه عضاً وغمست أطراف كميها في دم لغاديده (١) ثم انصرفت إلى رحلها، فتزوجت بعد.
قال: وأتى دار مالكٍ قومٌ من مضر وحرقوا عليه، فقال غطفان بن أنيف الكعبي في ذلك:
كيف ترانا وترى الأميرا … بصرحةِ المربد إذ أبيرا
نقودُ فيه جحفلاً جرورا … أكثر جمعاً حلقاً مسمورا
وصارماً ذا هيبةٍ مأثورا … فقد قد الجازر الجزورا
لما رجا مسعود التأميرا … وأصبح ابن مسمعٍ محصورا
وقد شببنا حوله السعيرا
(١) اللغاديد: ما أطاف بأقصى الفم إلى الحلق من اللحم. القاموس.