للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على قيصر فدعا له الترجمان فقال: قل للملك إن الكذوب الفاجر الغادر، قال الملك: هيه، فالتزم عثمان الترجمان يريد أنه الموصوف بهذه الصفة، فقال: إن لهذا العربي لقصة، فدعا له ترجماناً آخر فكلمه وأدى عنه إلى قيصر فقال: إني ضارب للملك ضريبة على قريش يؤدونها إليه كل عام إذا جاؤوا بتجاراتهم، فأتى مكة فقال لقريش وغيرها: إن قيصر يأمركم أن تجعلوا له ضريبة عليكم وإلا منعكم من الدخول إلى بلاده، فزبروه وأغلظوا له وعابوا دينه، وكان أشدهم عليه أبو أحيحة والوليد بن المغيرة، ثم إن أبا أحيحة قدم الشام ومعه أبو ذؤيب هشام بن شعبة بن عبد الله بن أبي قيس أحد بني عامر بن لؤي، وكان أبو ذؤيب ابن اخته، فسعى بهما عثمان إلى قيصر وقال: إن هذين اعترضا عليّ وحملا قريشاً على مخالفتي، فحبس قيصر أبا أحيحة والوليد وعدةً من قريش، فمات أبو ذؤيب في الحبس، وتكلم عثمان في الباقين فخلوا، فقالت أروى بنت الحارث بن عبد المطلب:

أبلغ لديك بني عمي مغلغلة … حرباً وعفان أهل الصيت والحسب

وابني ربيعة والأعياص كلهم … واعمم بني عبد شمس سادة العربِ

ما لي أراكم قعوداً في بيوتكم … وخيركم منكم للجار ذي الجنب

وذو الحفاظ على جل الأمور إذا … نابت نوائبها في شدة الكربِ

أبو أحيحة محبوس لدى ملكٍ … بالشامِ في غير ما ذنبٍ ولا ريبِ

لو كان بعضكم في غير محبسه … ألفيتموه شديد الهم والنصبِ

إن الذي صده عنكم وثبطكم … عبدٌ لعبدٍ لئيمٍ حقُّ مجتلبِ

لو كان صميماً في أرومتكم … لشفه ما عناكم غير ما كذبِ