لقد رآني والغلام الحازما … نزجي المطي ضمراً سواهما
متى تظنُّ القلص الرواسبا … يذكرن (١) أم قاسمٍ وقاسما
فغضب زيادة، وقال هدبة: إني والله ما ذهبت حيث ذهبت، ولا عنيت اختك ولقد عنيت أختي، وتشاتما ثم تناصيا، ووثب رهط هدبة ورهط زيادة فتضاربوا بالنعال، ثم أقبل كل واحدٍ منهما يهجو صاحبه، وجعلا يتفاخران، وجاء زيادة في قومه ليلاً إلى هدبة فشجو أباه عشراً وعقروه فقال زيادة:
شججنا خشرماً في الرأس عشراً … ولم نرهب هديبة إذ هجانا
ثم اقتل هدبة ورهطه وزيادة ورهطه، فقتل هدبة زيادة وجدع زيادة أنف هدبة، وهرب هدبة والنفر الذين كانوا معه فلحقوا باليمن وقال:
الآ ليت الرياح مسخراتٌ … لحاجتنا تُباكر أو تؤوبُ
فتخبرنا الشمال إذا التقينا … وتخبر أهلنا عنا الجنوبُ
ثم أن رهط زيادة استعدوا معاوية بن أبي سفيان على هدبة، فكتب لهم إلى سعيد بن العاص، وهو عامل المدينة، يأمره بإعدائهم على هدبة، وان ينظر في دعواهم عليه، وأن يطلبه طلباً حثيثاً، وأن يأخذ به أولياءه، فأخذ عمه وأهله فحبسهم في السجن حيناً، فلما بلغ هدبة ذلك أتى السلطان فوضع يده في يده كراهة أن يسلم عمه وأهله، فأمر سعيد بحبس هدبة وخلى سبيل من حبس بسببه ووهب لهم مالاً، وسأل أولياء زيادة سعيداً أن ينظر في أمرهم فأخر ذلك وأبطأ به، وكان هدبة قد مدحه، وعرض عليهم