للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤمنين ناشدني الله والرحم فكرهت قتله، فقال: أخزى الله أمك البوالة على عقبيها فإنكّ لم تشبه غيرها - وكانت أمه ليلى بنت زبان بن الأصبغ الكلبي - أدنه يا غلام، فأضجع له ثم ذبحه بيده بالسيف ذبحاً وهو يقول:

يا عمرو إلا تدع شتمي ومنقصتي … أضربك حيث تقول الهامة (١) اسْقوني

قال: وانقضت الصلاة وخرج يحيى بن سعيد إلى الباب في مواليه وأصحابه، فكثر ضجيجهم وجعلوا يقولون: أسمعنا صوتك يا أبا أمية، فخرج إليهم الوليد بن عبد الملك في موالي عبد الملك وغيرهم فناوشوهم فأصابته ضربة على أليته وذلك الصحيح - ويقال على رأسه - فأخذه ابن أرقم فأدخله بيتا وأجاف عليه الباب، ودخل عبد الرحمن بن أم الحكم من باب المسجد فقال لعبد الملك: أيها الرحل ما صنعت فقد جل الخطب؟ قال: قتلته، قال: أصاب الله بك الخير والرشد، فأخذ ابن أم الحكم الرأس فرمى به إلى أصحاب الأشدق فانكسروا حين يئسوا منه، وأمر عبد الملك ببيت المال ففتح ونادى في الناس أن احضروا أعطياتكم، فأقبل الناس وتركوا ما كانوا فيه. ووضع لعبد الملك سرير فخرج فجلس عليه وهو يقول: اين الوليد والله لئن كانوا أصابوه لقد أدركوا ثأرهم، فأخبر بمكانه وأنه لم يصب فأمسك، وأمر عبد الملك فنودي: من أتى بيحيى بن سعيد أو بأحد من ولد سعيد فله ألف دينار فأخذوا جميعاً من ساعتهم فأمر بإشخاصهم إلى الكوفة فصار يحيى مع مصعب بن الزبير.


(١) كانت عرب ما قبل الإسلام تعتقد أن روح الإنسان هي الهامة، وأنه عندما يقتل إنسان ظلما تظل الهامة تحلق فوق قبره وتنادي اسقوني حتى يثأر له.