وقال أبو مخنف أن الوليد يُدخل أبا زبيد المسجد وهو نصراني ويجري عليه وظيفة من خمر وخنازير تقام له كل شهر، فقيل له: قد عظم إنكار الناس لما تجري على أبي زبيد، فقوم ما كان وظف له دراهم وضمها إلى رزق كان يجريه عليه.
وروى أبو مخنف وغيره أن الوليد أتى بساحر يقال له نطروي، ويقال بساني، فرآه جندب الخير - وهو جندب بن عبد الله الأزدي، وقال غير الكلبي: هو جندب بن كعب - يلعب بين يديه فأتى معقلاً مولى الصقعب بن زهير الكبيري من ولد كبير بن الدول من الأزد، ويقال: بل أتى مولى لبني ظبيان بن غامد وهم قومه، فاستعار منه سيفاً قاطعاً فاشتمل عليه وخرج يريد الوليد بن عقبة. فلقيه معضد بن يزيد أحد بني تيم الله بن ثعلبة بن عكابة، وكان ناسكاً، فأخبره بما يريد، فقال له: أما قتل الوليد فإنه يورث فرقة وفتنة ولكن شأنك بالعلج؛ فشد على الساحر فقتله ثم قال له: أحيِ نفسك إن كنت صادقاً، فقال الوليد: هذا رجل يلعب فيأخذ بالعين سُرعةً وخفةً، فقدم جندباً ليضرب عنقه فأنكرت الأزد ذلك وقالوا: تقتل صاحبنا بعلجٍ ساحر؟ فحبسه، فلما رأى السجان طول صلاته وكثرة صيامه تحوّب من حبسه فخلى سبيله، فمضى جندب فلحق بالمدينة وكان يُكنى أبا عبد الله، فأخذ الوليد السجان، وكان يقال له دينار ويُكنى أبا سنان، فضرب عنقه وصلبه بالسبخة، ويقال إنه ضرب عنقه بالسبخة ولم يصلبه. ولم يزل جندب بالمدينة حتى كلَّم فيه عليّ بن أبي طالب عثمان فكتب إلى الوليد يأمره بالإمساك عنه، فقدم الكوفة.