الحرام قبل مقتل عثمان بعام، كان رئيس أهل الكوفة كعب بن عبدة النهدي، ورئيس أهل البصرة المثنى بن مخربة العبدي أهل مصر كنانة بن بشر بن عتاب بن عوف السكوني ثم التجيبي، فتذاكروا سيرة عثمان وتبديله وتركه الوفاء بما أعطى من نفسه وعاهد الله عليه وقالوا: لا يسعنا الرضى بهذا، فاجتمع رأيهم على أن يرجع كل واحد من هؤلاء الثلاثة إلى مصره فيكون رسول من شهد مكة من أهل الخلاف على عثمان إلى من كان على مثل رأيهم من أهل بلده، وأن يوافوا عثمان في العام المقبل في داره فيستعتبوه فإن أعتب وإلا رأوا رأيهم فيه، ففعلوا ذلك؛ فلما حضر الوقت خرج الأشتر إلى المدينة في مائتين، وخرج حُكيم بن جبلة العبدي في مائة ولحق به بعد ذلك خمسون فكان في مائة وخمسين، وجاء أهل مصر وهم أربعمائة، ويقال سبعمائة ويقال ستمائة، عليهم أمراء أربعة: أبو عمرو بن بُديل بن ورقاء بنعبد العزى الخزاعي على ربع، وعبد الرحمن بن عديس البلوي على ربع، وكنانة بن بشر التجيبي على ربع، وعروة بن شييم بن البياع الكناني ثم الليثي على ربع؛ فلما أتوا دار عثمان، ووثب معهم رجال من أهل المدينة منهم: عمار بن ياسر العنسي، ورفاعة بن رافع الأنصاري - وكان بدرياً - والحجاج بن غزية - وكانت له صحبة - وعامر بن بكير أحد بني كنانة، فحصروا عثمان الحصار الأول.
وقال الواقدي في إسناده: لما كانت سنة أربع وثلاثين كتب بعض أصحاب رسول الله إلى بعض يتشاكون سيرة عثمان وتغييره وتبديله، وما الناس فيه من عُماله ويكثرون عليه ويسأل بعضهم بعضاَ أن يقدموا المدينة إن كانوا يريدون الجهاد، ولم يكن أحد من أصحاب رسول الله ﷺ يدفع