فلما قال هذه المقالة كسر حلماؤهم عنه، ونصب له كنانة بن بشر التجيبي وعروة بن شييم فأقبلا لا يقلعان ولا يكفان عنه، وأتى المغيرة بن شعبة عثمان فقال له: دعني آت القوم فانظر ما يريدون، فمضى نحوهم فلما دنا منهم صاحوا به يا أعور وراءك، يا فاجر وراءك، يا فاسق وراءك، فرجع؛ ودعا عثمان عمرو بن العاص فال له: إئت القوم فادعهم إلى كتاب الله والعتبى مما ساءهم، فلما دنا منهم سلم فقالوا: لا سلم الله عليك، ارجع يا عدو الله، أرجع يا ابن النابغة فلست عندنا بأمين ولامأمون، فقال له ابن عمر وغيره: ليس لهم إلا عليّ بن أبي طالب فبعث عثمان إلى عليّ فلما أتاه قال: يا أبا الحسن أئت هؤلاء القوم فادعهم إلى كتاب الله وسنة نبيه، قال: نعم إن أعطيتني عهد الله وميثاقه على أنك تفي لهم بكل ماأضمنه عنك، قال: نعم، فاخذ عليّ عليه عهد الله وميثاقه على أوكد ما يكون واغلظ، وخرج إلى القوم فقالوا: وراءك قال: لابل أمامي تعطون كتاب الله وتعتبون من كل ما سخطتم، فعرض عليهم ما بذل عثمان فقالوا: أتضمن ذلك عنه؟ قال: نعم، قالوا: رضينا، وأقبل وجوههم وأشرافهم مع عليّ حتى دخلوا على عثمان وعاتبوه فأعتبهم من كل شيء فقالوا: اكتب بهذا كتابا فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من عبد الله عثمان أمير المؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين والمسلمين، " إن لكم أن أعمل فيكم بكتاب الله وسنة نبيه، يعطى المحروم ويؤمن الخائف ويرد المنفي ولا تجمر البعوث ويوفر الفيء، وعلي بن أبي طالب ضمين للمؤمنين والمسلمين على عثمان بالوفاء بما في هذا الكتاب، شهد: الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله وسعد بن مالك بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت،