للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثني عبّاس عن أبيه عن أبي مخنف وغيره قالوا: لما قتل الحسين بن علي ودخل عبيد الله بن زياد من معسكره بالنخيلة إلى الكوفة تلاقت الشيعة بالتلاوم والتندّم، ففزعوا إلى خمسة نفر من رؤوس الشيعة وهم: سليمان بن صرد الخزاعي، وكانت له صحبة، والمسيّب بن نجبة الفزاري، وكان من خيار أصحاب عليّ، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي، وعبد الله بن وال التيمي، ورفاعة بن شدّاد البجلي ثم القتباني، فاجتمع هؤلاء الخمسة النفر في منزل سليمان بن صرد، ومعهم ناس من وجوه الشيعة، فابتدأ المسيب بن نجبة الكلام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أمّا بعد فإنّا قد ابتلينا بطول العمر فنرغب إلى ربّنا في أن لا يجعلنا ممّن يقول له غدا: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ﴾ (١) وقد بلا الله أخبارنا فوجدنا كاذبين في أمر ابن ابنة نبيّنا، وقد بلغتنا كتبه، وقد أتتنا رسله، وسألنا نصره عودا وبدءا، وعلانية وسرّا، فبخلنا عليه بأنفسنا حتى قتل إلى جانبنا، فلا نحن نصرناه بأيدينا ولا خذّلنا عنه ألسنتنا، ولا قوّيناه بأموالنا، ولا طلبنا له النصرة من عشائرنا، فما عذرنا عند ربّنا لا عذر والله أو نقتل قاتليه والموالين عليه، وإنّه لا بدّ لكم من أمير تفزعون إليه، وترجعون إلى أمره، وراية تحفون بها معه.

ثم تكلّم رفاعة بن شدّاد البجلي، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

دعوت إلى جهاد الفاسقين، والتوبة من الذنب العظيم، فمسموع ذلك عنك، ومقبول منك، وقلت: ولّوا أمركم رجلا تفزعون اليه وتطيفون برايته


(١) سورة فاطر - الآية:٣٧.