للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتطيعون له، فإن تكن ذلك الرجل تكن عندنا مرضيا متنصّحا، وإن رأيت ورأى أصحابنا ولّينا هذا الأمر شيخ الشيعة، وصاحب رسول الله ، وذا السابقة والقدم سليمان بن صرد، المحمود في دينه وبأسه، الموثوق برأيه وتدبيره.

ثم تكلّم عبد الله بن وال وعبد الله بن سعد بن نفيل بنحو من كلام رفاعة بن شدّاد، وذكرا المسيّب بن نجبة وفضله، وذكرا سليمان بن صرد لسابقته ورضاهما به، فقال المسيّب: أصبتم ووفقتم، وأنا أرى مثل الذي رأيتم، فولّوا سليمان أمركم.

فولّوه عليهم، وقلّدوه رئاستهم، فخطب سليمان بن صرد فقال: إنّي أخاف ألاّ نكون أخّرنا إلى هذا الدهر الذي نكدت فيه المعيشة، وعظمت فيه الرزيّة لما هو خير لنا، نمدّ أعناقنا إلى قدوم آل نبيّنا، ونعدهم نصرنا، ونحثّهم على المصير إلينا فلما قدموا علينا ونينا وعجزنا وداهنّا وتربّصنا، حتى قتل ولد نبيّنا وسلالته وبضعة من لحمه، فاتّخذه الفاسقون غرضا للنبل ودريّة للرماح، فلا ترجعوا إلى الحلائل والأبناء حتى يرضى الله عنكم بأن تناجزوا من قتله وتبيروه، ألا ولا تهابوا الموت، فوالله ما هابه أحد قطّ إلاّ ذل، وكونوا كتوّابي بني إسرائيل إذ قال لهم نبيّهم ﴿إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ ١،﴾ فما فعل القوم جثوا والله للركب، ومدّوا الأعناق، ورضوا بالقضاء حين


(١) سورة البقرة - الآية:٥٤.