آمن وإن رقي إلى الأمير عبيد الله فيه شيء قمت بشأنه عنده؟ فقال عمرو بن حريث: أمّا مني فهو آمن، وأمّا الأمير فإن بلغه عنه شيء ءأقمت له بمحضره الشهادة وشفعت عنده أحسن الشفاعة، فأبلغ المختار رسالة عمرو بن حريث فأتى حتى جلس تحت رايته وبات ليلته، ثم إنّ ابن زياد جلس للناس وفتح بابه فدخل المختار عليه فلما رآه قال له: أنت المقبل في الجموع لنصر ابن عقيل؟ فقال: والله ما بتّ إلاّ تحت راية عمرو، فرفع ابن زياد قضيبا كان في يده فاعترض به وجه المختار فشتر عينه، وشهد له عمرو على ما قال، فقال ابن زياد لولا شهادة عمرو لك لضربت عنقك، وأمر به فحبس فلم يزل محبوسا حتى قتل الحسين.
ثم إنّ المختار سأل زائدة بن قدامة الثقفي أن يسير إلى عبد الله بن عمر فيسأله الكتاب إلى يزيد بن معاوية في استيهابه منه، وكانت صفيّة بنت أبي عبيد أخت المختار عند عبد الله بن عمر، فسار ابن قدامة إلى ابن عمر فكتب إلى يزيد بما سأل المختار، فكتب يزيد إلى ابن زياد بتخلية سبيل المختار فخلاّه وأجّله في المقام بالكوفة ثلاثا، فخرج في اليوم الثالث إلى الحجاز، فلقيه ابن الغرق من وراء واقصة، فلما رأى شتر عينه استرجع فقال المختار:
شتر عيني ابن الزانية بالقضيب، قتلني الله إن لم أقطع أنامله وأباجله وأعضاءه إربا إربا، فاحفظ هذا الكلام عنّي، ثم ذكر ابن الزبير فقال: إن سمع منّي وقبل عنّي كفيته أمر الناس، وإلاّ فلست بدون رجل من العرب، إنّ الفتنة قد برقت ورعدت، وكأن قد انبعثت فوطئت في خطامها، فروي عن ابن الغرق أنّه قال: حدّثت بهذا الحديث الحجّاج بن يوسف، وضحك وذكر سجع المختار فقال: كان يقول: ورافعة ذيلها. وصائحة ويلها.