للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدجلة أو حولها. فوالله ما أدري ما كان يقول، إلاّ أنّه كان رجلا ديّنا، ومقارع أعداء، ومسعر حرب.

قال: وقدم المختار على عبد الله بن الزبير، فرّحب به وأوسع له ثم قال له: ما حال العراق يا أبا إسحاق؟ قال: هم لسلطانهم في العلانية أولياء، وفي السرّ أعداء، فقال ابن الزبير: هذه صفة عبيد السوء إذا رأوا أربابهم خدموهم وأطاعوهم، وإذا غابوا عنهم شتموهم وعابوهم، وعرض على ابن الزبير أن يقلّده أمره ويستكفيه إيّاه فلم يفعل، فقام عنه ولحق بالطائف فتصرّف في أموره وغاب عن ابن الزبير سنة، وجعل يقول: أنا مبير الجبّارين، فبلغ ذلك ابن الزبير فقال: إن يهلك الله الجبّارين يكن المختار أحدهم، قاتله الله كذّابا متهكّما.

وأقبل المختار بعد سنة حتى دخل المسجد وابن الزبير في ذكره فقال ابن الزبير: إذكر غائبا تره، وأقبل المختار فطاف بالبيت وصلّى عند الحجر ركعتين، ثم جلس واجتمع إليه قوم يسلّمون عليه، واستبطأه ابن الزبير فقال له بعضهم: قم إليه فقد استبطأك؟ فقال أتيته عاما أوّل فعرضت عليه نفسي فرأيته منحرفا عنّي، والله إنّه إليّ لأحوج منّي إليه، فقال له عبّاس بن سهل بن سعد الساعدي: إنّك أتيته نهارا، وهذا أمر تضرب عليه الستور، فأته ليلا، فقال: أنا فاعل، فلما كان الليل أتاه عبّاس، فمضيا جميعا حتى دخلا على ابن الزبير فسلّم عليه ابن الزبير وصافحه، فابتدأ المختار القول فقال: إنّه لا خير في الإكثار من المنطق، ولا حظّ في التقصير عن الحاجة، وقد جئتك لأبايعك على أن لا تقضي أمرا دوني، وعلى أن أكون أوّل من تأذن له، وإذا ظهرت استعنت بي على أفضل عملك؟ فقال ابن