الزبير: أبايعك على كتاب الله وسنّة نبيّه؟ فقال المختار: لو أتاك شرّ غلماني لبايعته هذه المبايعة العامة، والله لا أبايعك إلاّ على هذه الخصال، فبسط ابن الزبير يده فبايعه.
ومكث المختار معه حتى شهد حصار ابن الزبير الأوّل، وهو حصار حصين بن نمير السكوني، وقاتل في جماعة معه أشدّ القتال وأغنى أعظم الغناء، ولما كان آخر يوم قاتل فيه الحصين بن نمير ابن الزبير نادى: يا أهل الشام أنا المختار بن أبي عبيد، أنا الكرّار غير الفرّار، أنا المقدم غير المحجم إليّ يا أهل الحفاظ وحماة الأدبار، وكان آخر أيّامهم في القتال اليوم الذي علم أهل الشام فيه بموت يزيد، وكان عبد الرحمن بن بحدج بن ربيعة أحد بني عامر بن حنيفة في عصابة من الخوارج من أهل اليمامة يقاتل مدافعة عن البيت، لا غضبا لابن الزبير.
وأقام المختار مع ابن الزبير حتى انصرف عنه الحصين بن نمير وأهل الشام إلى الشام، فلما رأى أنّ ابن الزبير لا يولّيه شيئا أقبل يسأل الناس عن خبر الكوفة وأهلها، فيقال له إنّهم أخرجوا عمرو بن حريث عامل ابن زياد واصطلحوا على عامر بن مسعود بن أمية بن خلف، فيقول: أنا أبو إسحاق، أنا لها إذ ليس لها أحد غيري، أنا راعيها إذا أظلّ راعيها، ثم ركب رواحله وأتى الكوفة، فلما صار بنهر الحيرة اغتسل وادّهن، ولبس ثيابه، واعتمّ وتقلّد بسيفه وركب راحلته فمرّ بمسجد السكون، وجبّانة كندة، وجعل لا يمرّ بمسجد إلاّ سلّم على أهله حتى مرّ ببني بداء من كندة، فسلّم على عبيدة بن عمرو البدّي، وقال: يا أبا عمرو أبشر بالنصر واليسر والفرج إنّك على رأي تستر معه العيوب، وتغفر الذنوب، وكان عبيدة من