أمّا بعد: فإنّي بعثت إليكم المختار بن أبي عبيد، نصيحي ووزيري، وثقتي وأميني المرضيّ عندي، للطلب بدماء أهل بيتي، فانهض معه بنفسك وعشيرتك وأتباعك ومن أطاعك، فإنك إن نصرتني، وساعدت وزيري، كانت لك عندي بذلك فضيلة، ولك الأعنّة والمنابر، وكل بلد ظهرت عليه فيما بين الكوفة وأقصى بلاد الشام».
فقال ابن الأشتر: قد كاتبت محمد بن عليّ، وكاتبني فما رأيته كتب إليّ قط إلا باسمه اسم أبيه، لا يزيد على ذلك، وقد استربت بهذا الكتاب، فقام يزيد بن أنس، وأحمر بن شميط، وعبد الله بن كامل بن عمرو الهمداني ثم الشاكري، وورقاء بن عازب الأسدي، فشهدوا أنّه كتاب ابن الحنفيّة، فتنحى إبراهيم عن صدر المجلس وأجلس المختار فيه وبايعه.
فمكثوا يدبّرون أمرهم حتى أجمع رأيهم على أن يخرجوا ليلة النصف من شهر ربيع الأوّل سنة ستّ وستّين، ووطّنوا على ذلك شيعتهم ومن معهم، فلما كان عند غروب الشمس ليلة النصف وهي ليلة الميعاد، قام إبراهيم بن الأشتر فصلّى المغرب حين قال القائل: أخوك أم الذئب؟ ثم أتى المختار، قال الشعبي: فأقبلنا معه وعلينا السلاح فلم يمكن في تلك الليلة الخروج، فاتعدوا لليلة الخميس.
المدائني في إسناده، قال: كان للمختار مجلس يجلس فيه بالطائف ليلا فرفع رأسه إلى السماء ثم قال متمثّلا: