وكان عبيد الله بن الحر محبوسا، فكلّم الأحنف مصعبا فيه، فلما أخرجه قال له: يا أبا بحر جعلني الله فداك ما أدري ما أكافئك به إلاّ أن أقتلك فتدخل الجنّة وأدخل النار فضحك الأحنف، وقال: لا حاجة لي في مكافأتك يا بن اخي.
قال المدائني: وجلس الأحنف في مسجد الكوفة، وقد أطافت به بنو تميم، فكلّمهم في شيء فقالوا: لا، فقال: إنّ بني تميم خيل صعاب تضطرب على سائسها ساعة ثم تتبعه.
المدائني، قال: دخل الأحنف على مصعب في بعض الأيّام فأنكر تكّبره، ويقال: إنه مدّ رجليه بين يديه وهو جالس معه على السرير، فقال عجبا لمن يتكبّر ويتجبّر، وقد جرى في مجرى البول مرّتين، وبلغ قوله عبد الملك فقال: لله هو وتمثّل.
وأضمر في ليلى لقوم ضغينة … وتضمر في ليلى عليّ الضغائن
قال: وكلم الأحنف مصعبا في رجل فقال: أبلغني عنه الثقة أنّه قال كذا وكذا، فقال: اللهم غفرا إنّ الثقة لا يبلغ.
قال: وحضر الأحنف مصعبا وقد أتي برجل فجعل الشرط يقولون له أصدق الأمير. فقال الأحنف: إن بعض الصدق معجزة.
قالوا: ولما بلغ عبد الملك قول الأحنف عجبا لمن يتكبر وقد جرى في مجرى البول مرّتين بعث إليه: إنّه بلغني تنكّر صاحبك لك فهلمّ إلينا فلك عندنا ولاية الشام، فقال الأحنف: يا عجبا لابن الزرقاء يدعوني إلى نفسه وأهل الشام والله لوددت أن بيننا وبينهم بحرا من نار لا يعبره إلينا منهم أحد