الملحقة، وبعضهم يقول: المحلقة، وقال له انج عليها حتى تلحق بمأمنك، وأنا وأصحابي لك بالعيالات فانصرف عنه، ويقال: إنه دفع الفرس إليه، وقال له ابن الحرّ: أأنت تخضب أم هو سواد لحيتك؟ فقال:
عجل عليّ الشيب فاختضبت، وخرج ابن الحرّ من منزله بشاطئ الفرات فنزله حتى أصيب الحسين بكربلاء، وكان ابن الحرّ رجلا لا يقاتل لديانة، وإنّما كان همّه الفتك والتصعلك والغارات.
ثم إنّ ابن الحر أتى الكوفة فقال له عبيد الله بن زياد، وكان قد تفقّد أهل الكوفة: أكنت معنا أم مع عدوّنا؟ قال: لا والله ما كنت مع عدوّك، ولو كنت معه لبلغك ذلك ولكنّي كنت مريضا، قال: مريض القلب، قال:
ما مرض قلبي قط، وقد وهب الله لي في بدني العافية.
وكان ابن الحرّ يغير على مال الخراج فيقتطعه ويعطي منه أصحابه وكان سخيا متلافا، وقد كان من أهل الديوان والعطاء.
قالوا: فخرج من عند ابن زياد مغضبا، فبات عند أحمر بن يزيد بن الكبشم الطائي، ثم خرج من عنده فأتى المدائن، وقال يرثي الحسين ﵇:
يقول أمير جائر حقّ جائر … ألا كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمة
ونفسي على خذلانه واعتزاله … وبيعة هذا الناكث العهد سادمه
فيا ندمي ألاّ أكون نصرته … ألاّ كلّ نفس لا تسدد نادمه
سقى الله أرواح الذين تأزّروا … على نصره سقيا من الله دائمة