للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان يقتل الأسد، ويخرج هذا المعبر من الماء وحده ثم يردّه، حتى وقع عليه هذا الشيطان الذي دخل المعبر فغرّقه، ولما بلغ عبد الملك خبره جزع عليه وندم على بعثته في أصحابه من غير أن يضمّ إليه جندا، وقال: أيّ مدره (١) حرب وسدّاد ثغر كان عبيد الله لا يبعدنّك الله يا بن الحرّ، والله ما وجدوك خوّارا ولا فرّارا.

قال ابن الكلبي: وكان ابن الحرّ لما صار إلى الأنبار بلغه أنّ حبشيا يقال له الغداف، يقطع الطريق للعدّة من الشجعاء فيهزمهم ويسلبهم، ويدخل القرية نهارا فلا يعجبه امرأة إلاّ افترشها وقضى حاجته منها، لا يقدر أحد على منعه ولا دفعه، فمضى إليه وحده، فلما رآه عرفه بالنعت فسايره ابن الحرّ، فقال له: من أين اقبلت يا صاحب الفرس؟ قال: من الأنبار، قال: فإنّه بلغني أنّ ابن الحرّ نزلها فما تراه يريد؟ قال: ايّاك يريد، أنا ابن الحرّ فخذ حذرك أيّها الكلب، ثم حمل عليه فطعنه فصرعه، ثم نزل فضرب رجله فأبانها، فأخذ الأسود رجله فرمى بها ابن الحرّ، فمشى اليه ابن الحرّ فقتله، وأخذ فرسه وجعل ابن الحرّ يقول:

أمّ الغداف فشقّي الجيب وانتحبي … إنّ الغداف وربّي وافق الأجلا

دهدهته بين أنهار وأودية … لا يعلم الناس غيري ما الذي فعلا


(١) المدره: السيد الشريف، والمقدم في اللسان واليد عند الخصومة والقتال. القاموس.