سار الهذيل بن زفر معه، ثم تحوّل إلى مصعب وقاتل مع ابراهيم بن الأشتر يوم دجيل، فلما قتل استخفى بالكوفة في قومه، ثم إنّ زفر طلب له الأمان فآمنه عبد الملك وبايعه.
ويقال: إنّه قدر عليه بغير أمان فقال له عبد الملك: ما ظنّك بي؟ قال: ظنّي أنّك قاتلي، قال: فقد أكذب الله ظنّك بل قد عفوت عنك، وكان يحبّه لشجاعته.
قالوا: وبويع عبد الملك بدير الجاثليق، ودفنت جثّة مصعب هناك فقبره معروف بمسكن بقرب أوانا، ويعرف موضع عسكره ووقعته بخربة مصعب، وبصحراء مصعب، وزعموا انّها لا تنبت شيئا.
وبعث عبد الملك برأس مصعب إلى الكوفة، أو حمله معه، ثم بعث به إلى عبد العزيز بمصر، فلما رآه وقد حذى السيف أنفه قال: رحمك الله أما والله لقد كنت من أحسنهم خلقا، وأشدّهم بأسا، وأسخاهم نفسا، ثم ردّ رأسه إلى الشام فنصب بدمشق، وأرادوا أن يطوفوا به في نواحي الشام، فأخذته عاتكة بنت يزيد بن معاوية وهي أمّ يزيد بن عبد الملك فغسلته وطيّبته ودفنته، وقالت: أما رضيتم بأن صنعتم ما صنعتم حتى تطوفوا وتنصبوه في المدن هذا بغي.
قالوا: وكان محمد بن مروان أخذ جارية لإبراهيم بن الأشتر كرديّة فواقعها فولدت على فراشه مروان بن محمد الجعدي، فلذلك قيل لمروان ابن أمة النخع.
وحدثني عبّاس بن هشام الكلبي عن أبيه عن جدّه، وأبي محنف، أنّ مصعب بن الزبير قتل في سنة اثنتين وسبعين، فشخص عبد الملك إلى الكوفة