وجعلوا يعتذرون إلى ابن الزبير ويقولون: لسنا بأصحاب مواجهة، ولكنّا أصحاب اتّباع بالمزاريق إذا ولوا، فلم يزل بعد ذلك يواجه الشاميينّ أصحاب السيوف ويتقدّم، وإذا ولى القوم أمر أصحاب المزاريق فرموهم، ثم إنّهم فارقوه لضيق الأمر عليهم.
قال: وكان مع ابن الزبير قوم قدموا مع ابن عديس من مصر، ثم صاروا خوارج ذوو شجاعة وبأس فقاتلوا معه دافعين عن البيت معظمين لحرمته وكانت لهم نكاية في أهل الشام، فبلغه عنهم ما يقولون في عثمان رضي الله تعالى عنه فقال: والله ما أحبّ أن أستظهر على عدويّ بمن يبغض عثمان، ولا بأن ألقي الله إلا ناصرا له، وجعل يماكرهم، فقالوا: والله ما نرى أن نقاتل مع رجل يكفّر أسلافنا، وما قاتلنا إلاّ لحرمة هذا البيت، وأن نردّها شورى فتفرّقوا عنه فاختلّ عسكره وعريت مصافّه ودنا منه عدوّه حتى قاتلوه في جوف المسجد، فقال عبيد بن عمير: عجبا لك ولما صنعت لهؤلاء القوم، وهم أهل البلاء الحسن والأثر الجميل هلاّ سكتّ عنهم واحتملتهم إلى أن يصنع الله وتضع الحب أوزارها، وقد قلت: لو أنّ الشياطين أعانتني على هؤلاء القوم لقبلتهم وقد كان رسول الله ﷺ يستعين في حربه بالمنافقين واليهود.
قال: وأصابت الناس مجاعة شديدة حتى ذبح ابن الزبير فرسا له وقسم لحمه في أصحابه.
وقال الواقدي: حدثني ابن جريج عن عطاء قال: رأيت العبّاد من أصحاب ابن الزبير يأكلون لحوم البراذين في حصر ابن الزبير.