قال: ونحر ابن الزبير ونفر معه البدن عند المروة إذ لم يقدروا على إتيان منى وعرفة، وسأل الحجاج ابن الزبير أن يطوف بالبيت فلم يأذن له في ذلك إذ لم يأذن له الحجاج في حضور عرفة.
وكان عبد الملك ينكر رمي البيت في أيّام يزيد بن معاوية، ثم أمر بذلك، فكان الناس يتعجّبون منه ويقولون خذل في دينه، وحجّ عبد الله بن عمر في تلك السنة، فأرسل إلى الحجّاج أن أتّق الله واكفف هذه الحجارة عن الناس، فإنّك في شهر حرام، وبلد حرام، وقد قدمت وفود الله من أقطار الأرض يضربون آباط الإبل ويمشون على أقدامهم ليؤدّوا فريضة أو يزدادوا مزداد خير، فإنّ المنجنيق قد منعتهم من الطواف، فكفّ عن الرمي حتى قضوا ما يجب عليهم بمكة.
وخرجوا إلى مني وعرفة فوقف بالناس بها وشهد معهم المشاهد ولم يعرض ابن الزبير للحجّاج في الزيارة وغيرها، ونادى منادي الحجّاج في الناس أن انصرفوا إلى بلادكم، فإنّا نعود بالمنجنيق على الملحد ابن الزبير، وتحلّب الناس إلى ابن الزبير ليقاتلوا معه إعظاما للبيت وحرمته، وقدم عليه قوم من الأعراب تقعقع وفاضهم، وقالوا: قدمنا لنقاتل معك فأعنّا على قتال أعدائك، فإذا مع كلّ امرئ منهم سيف كأنّه شفرة قد خرج من غمده فقال: يا معشر الأعراب لا قرّبكم الله، فوالله إنّ سلاحكم لرثّ، وإنّ حديثكم لغث، وإنّكم لعيال في الجدب، وأعداء في الخصب فتفرّقوا عنه.
وقال الواقدي في روايته: قدم على ابن الزبير حبشان من الحبشة فقاتلوا معه، فكانوا يرمون بمزاريقهم فلا يقع لهم مزراق إلاّ في رجل، فقتلوا من الشاميين جماعة ونهكوا، فحمل عليهم أهل الشام فانكشفوا