من الحجاج فنهض عروة وهو يقول: ليس الذليل من قتلتموه، ولكنّ الذليل من ملكتموه، فاستحيا عبد الملك وقال للحرسيّ: خلّ عنه، وكتب إلى الحجاج ينهاه عن الكتاب فيه فكفّ عنه، وكانت أمّ عروة أيضا أسماء.
المدائني عن عبد الله بن فائد، قال: ركب عروة ناقة لم يدرك مثلها، فقدم الشام قبل قدوم رسل الحجاج بقتل عبد الله بن الزبير على عبد الملك، فأتى باب عبد الملك فاستؤذن له، فلما دخل سلّم عليه بالخلافة فردّ عليه عبد الملك ورحّب به وعانقه وأجلسه على السرير، ثم قال عروة:
نمتّ بأرحام إليك قريبة … ولا قرب للأرحام ما لم تقرّب
ثم تحدّث حتى جرى ذكر عبد الله، فقال عروة: إنّ أبا بكر بان، فقال عبد الملك: وما فعل؟ قال: قتل ﵀، فخرّ عبد الملك ساجدا، فقال عروة: فإنّ الحجاج صلبه فهب جثّته لأمّه، قال: نعم، وكتب إلى الحجاج يعظم ما بلغه من صلبه، وكتب إليه إيّاك وعروة فقد آمنته فكان مسيره من الشام راجعا إلى مكة ثلاثين يوما، فأنزل الحجاج جثّة عبد الله عن خشبته، وبعث بها إلى أمّه فغسلته فلما أصابه الماء تقطّع، فقال: قيل لي في المنام يا أمّ المقطّع، فكنت أظنّه المنذر لأنّه جدّع بالسيوف، ولم أظنّه ابني فغسلته عضوا عضوا فاستمسك ودفنته، وصلّى عليه عروة.
المدائني عن عامر بن حفص، قال: صلب الحجاج ابن الزبير وقرن به كلبا ميتا.
قال: وكتب الحجاج في عروة إنّ عروة كان مع أخيه، فلما قتل عدوّ الله أخذ مالا من مال الله، وهرب فكتب إليه عبد الملك: إنّه لم يهرب ولكنّه