للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالوا: فهذا عمارة بن الوليد بن المغيرة أحسن قريش وجها، وأتمهم خلقا، فاتخذه ابنا، وكان معهم. فقال أبو طالب: «بئس ما سمتموني: أدفع إليكم ابن أخي فتقتلونه، وأتبنى ابنكم لكم وأغذوه. هيهات. أبى الحزم، وصلة الرحم ذلك». فانصرفوا عنه. فذلك قول أبي طالب:

كذبتم وبيت الله يقتل أحمد … ولمّا نناضل دونه ونقاتل

وقوله أيضا:

أترجون أن نشجى بقتل محمد … ولم تختضب سمر العوالي من الدم

- قال: وأتوه مرة أخرى، فأعلموه أنه إن لم يأخذ على يد رسول الله ويردّه، قتلوه غيلة. وقالوا: قد أعذرنا إليك. فكان ذلك سبب دخول أبي طالب الشعب (١).

- وأما عمارة بن الوليد، فيقال إنه وعمرو بن العاص توجها برسالة قريش إلى النجاشي في أمر من بالحبشة من المسلمين، يفسداه عليهم، ويهجناهم عنده، ويسألاه دفعهم إليهما. وحملوهما إليه وإلى بطارقته (٢) هدايا من أدم وغيره، وذلك وهم.

وقيل: إنه كان مع عمرو بن العاص في هذه المرة عبد الله بن أبي ربيعة، ولم يكن معه عمارة. فرّدهما النجاشي مقبوحين خائبين، فاشتدت قريش عند ذلك على النبي ، وهذا الثبت؛ إنّ عمرا وعمارة خرجا بعد ذلك في تجارة إلى الحبشة، وكانا طرّيقين فاتكين. وكانت مع عمرو امرأته.

فقال لها عمارة، وهما يشربان في السفينة: قبليني. فقال لها عمرو: قبّلي


(١) - طبقات ابن سعد ج ١ ص ٢٠٨ - ٢٠٩. نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٩٤. سيرة ابن هشام ج ١ ص ٢٣٥ - ٢٣٧.
(٢) - أي أعيان الدولة لديه وكبار القادة.