للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عمك. ففعلت. وحذره عمرو. فأرادها عمارة على نفسها، فامتنعت. وفطن عمرو بذلك. ثم إنّ عمرا جلس على حرف السفينة ليبول. فدفعه عمارة في البحر. وكان يجيد السباحة: وأخذ بالقلس وتخلص، فاضطغنها عليه وكتب إلى أبيه العاص بن وائل: أن اخلعني وتبرّأ مني ومن جريرتي على بني المغيرة وبني مخزوم، فقد كان من عمارة كيت وذيت، وهو يرصد له بما يرصد به، ولم يلبث عمارة حين دخل أرض النجاشي، أن دبّ لامرأة النجاشي، فاختلف إليها، ويقال: إنها رأته فعشقته، وكان جميلا، فدعته. فجعل يختلف إليها، وكان يحدّث عمرا بما يجري بينهما، فكان عمرو يظهر تكذيبه ليمحكه بذلك، فقال له ذات ليلة:

إن كنت صادقا، فائتني بدهن من دهن النجاشي الذي لا يدّهن به غيره، فإني أعرفه. وكان أصفر، فأعطته قارورة منه، وثوبا أصفر من ثيابه.

فجاء بذلك إلى عمرو. وكانا ينزلان في دار واحدة، فقال له عمرو: لقد نلت ما لم ينله قرشي قبلك، وأخذ الدهن والثوب إليه، فلما أصبح، أتى النجاشي بذلك وحدثه الحديث، فيقال: إن النجاشي أخذه، فقطعه آرابا ثم أحرقه؛ وأخذ امرأته فدفنها وهي حية. ويزعمون: أن النجاشي دعا بالسواحر، فسحرنه؛ فكان يهيم، ثم إنه مات على تلك الحال. ويقال؛ إنه لما فعلن به ذلك هام فكان مع الوحش، وخرج عبد الله بن أبي ربيعة في طلبه، وكان اسمه بحير فسماه النبي «عبد الله»، فدل على مواضعه ومظانه، فالتزمه فجعل يقول له: تنح عنى يا بحير؛ ومات في يده. وكان عمارة يكنى أبا فائد. وقال عمرو بن العاص:

تعلم عمار إن من شر شيمة … لمثلك أن يدعا ابن عم له ابنما

إذا كنت ذا بردين أحوى مرجلا … فلست براء لابن عمك محرما