إذا المرء لم يترك طعاما يحبه … ولم ينه قلبا غاويا حيث يمما
قضى وطرا منها يسيرا وأصبحت … إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما
وليس الفتى وإن أتمت عروقه … بذي كرم إلا إذا ما تكرما (١)
- قالوا: ومكث بنو عبد المطلب وبنو المطلب في شعب أبي طالب ثلاث سنين.
وحدثني أبو الحسن المدائني، عن أبي زيد الأنصاري، عن أبي عمرو بن العلاء، عن مجاهد، عن عبد الله بن عباس، قال:
حصرنا في الشعب ثلاث سنين، وقطعوا عنا الميرة، حتى إن الرجل ليخرج بالنفقة فما يباع شيئا، حتى مات منا قوم.
- قالوا: ولما رد النجاشي عمرا وعبد الله بن أبي ربيعة المخزومي إلى قريش بغير ما أرادوا، وحقق قول رسول الله ﷺ وصدقه وأسلم، ازدادوا على من بالشعب غيظا وحنقا، فأجمعوا على أن كتبوا كتابا على بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف أن لا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، ولا يخالطوهم في شيء، ولا يكلموهم، وعلقوا الصحيفة التي كتبوا ذلك فيها في الكعبة، وقطعوا عنهم المادة والميرة. فكانوا لا يخرجون من الشعب في الثلاث سنين التي كانوا فيها بالشعب إلا من موسم إلى موسم، حتى بلغهم الجهد، وتضاغى صبيانهم فسمع ضغاؤهم من وراء الشعب، وكان من قريش من يكره ما ركبوا به ونيل منهم. ثم إنّ الله ﵎ سلط على صحيفتهم التي كتبوها الأرضة، فلم تدع إلا «باسمك اللهم»، فأخبر الله ﷿ بذلك رسوله ﷺ، فأخبر رسول الله ﷺ أبا طالب. فقال أبو طالب: والله ما يدخل علينا أحد؛ فمن أخبرك بهذا؟ قال: ربي، وهو الصادق يا عم،
(١) - السيرو المغازي لابن اسحق ص ١٦٧ - ١٧٠ حيث المزيد من التفاصيل.