آخذ لك من القوم أمانا، وتخرج حتى تلحق بأمير المؤمنين، فقد أرفض جمهور الناس عنك، ولا أرى لك أن تقاتل بمن معك، ولا أحب لك أن تضيع نفسك وتهلكها، فقال عثمان بن قطن: لكني لا أرى ذلك، إن أمير المؤمنين قد أشركك في أمره، وخلطك بنفسه، واستنصحك وسلطك وملكك، فسرت إلى ابن الزبير، وهو أعظم الناس خطرا فقتلته، فولاك الله ﷿ شرف ذلك، وسناه وذخره وأجره، وولاك أمير المؤمنين الحجاز، ثم رفعك إلى ولاية العراقين. أفالآن حين جريت إلى المدى، وأصبت الغرض الأقصى وهابتك العرب، تخرج على قعود تدأدى (١) يوجف بك إلى الشام والله لئن فعلتها لا نلت من عبد الملك مثل الذي أنت فيه من السلطان أبدا، وليتضعن شأنك، ولتسقطن عنده، ولتهونن على كل عدو، ولكني أرى أن نمشي بسيوفنا معك، فنضارب هؤلاء القوم، حتى نلقى ظفرا أو نموت كراما. فقال له الحجاج: قرعتني بما في قلبي قرعا، الرأي ما رأيت. فحفظ هذه لعثمان بن قطن، واحتمل تلك على زياد بن عمرو.
وقال المدائني عن أبي اليقظان: إن عثمان أشار عليه بالقتال، وان عبد الرحمن بن عبيد بن طارق العبشمي، وكان على شرطه، قال له: إنما نحن في عصبة وقد حيل بيننا وبين السلاح. فقال له: إن القليل الطيب خير من الكثير الخبيث وكثيرا ما ينصر الله ﷿ القليل على الكثير.