إليه يأمره بغزوه وأن لا يبرح حتي يستبيح أرضه، ويهدم قلاعه، ويقتل مقاتلته، ويسبي حريمه، فغزاه بمن معه من أهل الكوفة والبصرة، وكان على أهل الكوفة شريح بن هانئ الحارثي، فسار ابن أبي بكرة متوغلا في بلاد العدو، فأصاب من الغنيمة ما شاء الله ﷿، فقال له شريح: إن الله ﷿ قد غنّمنا وسلمنا وأذل عدونا، فارجع بنا من مكاننا ونحن وافرون معافون، فإني أتخوف إن كاثرت رتبيل وأهل بلده، والتمست فتح مدائنهم وقلاعهم في غزوة واحدة أن لا تطيق ذلك فقال له: اصبر أيها الرجل ودع هذا، فقال (ابن) هانئ: إنه ليس لقصير أمر، والله إنك لتعمل في هلاك نفسك وجندك، وسار حتى قرب من كابل، وجعل لا يظهر له أحد، وتفرق أصحابه يطلبون العلف وانتهى بهم إلى شعب فأخذه عليهم الترك ولحقه رتبيل، وليس بالقوم قتال، فبعث ابن أبي بكرة إلى شريح إني مرسل إلى هؤلاء فمصالحهم ومعطيهم مالا على أن يخلوا بيننا وبين الخروج، فقال شريح: إنك لا تصالحهم على شيء إلا حسبه الحجاج عليكم من أعطياتكم فقال ابن أبي بكرة: حرمان العطاء أيسر علينا من الهلاك، وبعث إلى رتبيل يطلب منه الصلح على أن يعطيه خمسمائة ألف درهم، ويقال سبعمائة ألف درهم، وعدة من وجوه من معه وثلاثة من ولده يكونون عنده، وأن لا يغزوهم ما كان واليا، وكان الثلاثة من ولده: نهار، والحجاج، وأبو بكرة، ومعهم العاقب بن سعيد فقال له شريح: اتق الله ﷿ وقاتل هؤلاء القوم، ولا تشتر الكفر بالإيمان، وزيادة خمسمائة ألف درهم، ويقال سبعمائة ألف، وتدفع قوما من المسلمين إلى المشركين، ثم تشترط لهم أن لا تقاتلهم ولا تجبيهم خراجا هربا من الموت الذي أنت إليه صائر، هذا