للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان ابن أبي بكرة حين رأى ما الناس فيه من القحط وهم يأكلون دوابهم في بلاد العدو يشتري الطعام ثم يبيعه جيشه حساب القفيز بدرهم، حتى أصاب الناس ضر شديد ومرض، وكان يبعث إلى الحصرم فيضعه في أسواقهم ويبيعهم إياه يقول: هذا صالح لمرضاكم، وباعهم التبن غربالا بدرهم، ففي ذلك يقول عبد الرحمن بن الحارث، وهو أعشى همدان في قصيدة له أولها:

ما بال حزن في الفؤاد مولج … ولدمعك المتحدر المتهيج

أسمعت بالجيش الذين تمزقوا … وأصابهم ريب الزمان الأعوج

حبسوا بكابل يأكلون جيادهم … بأضر منزلة وشر معرج

لم يلق جيش في البلاد كما لقوا … فلمثلهم قل للنوائح تنشج

واسأل عبيد الله كيف رأيتهم … عشرين ألف مجفف ومدجج

بعثا تخيره الأمير جلادة … بعثا من المصرين غير مزلج

وليت شأنهم وكنت أميرهم … فأضعتهم والحرب ذات توهج

ما زلت نازلهم كما زعموا لنا … وتفلهم وتسير سير الأهوج

وتبيعهم فيها القفيز بدرهم … فيظل جيشك بالملامة ينتجي

ومنعتهم أتبانهم وشعيرهم … وتجرت بالعنب الذي لم ينضج

ونهكت ضربا بالسياط جلودهم … ظلما وعدوانا ولم تتحرج

والأرض كافرة تضرم حولكم … حربا بها لقحت ولما تنتج

فتساقطوا جوعا وأنت صفندد (١) … شبعان تصبح كالايد الأفحج


(١) لم أجد لهذه الكلمة معنى.