للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو مخنف وعوانة: ورد على الحجاج أمر ابن الأشعث وهو نازل بلعلع (١) فقال إنها لغليقة من الأمر، وكتب إلي عبد الملك يخبره وسأله إمداده بالجنود، وأتى الحجاج موضع واسط حين فصل من لعلع فابتنى به مسجدا، وقال: هذا مكان واسط، فسميت واسط القصب، ثم بناها بعد ذلك.

قالوا: ولما ورد الكتاب على عبد الملك في أمر ابن الأشعث، نزل عن سريره، وبعث إلى أبي هاشم خالد بن يزيد بن معاوية فأقراه الكتاب، فلما رأى خالد ما به من الجزع والارتياع قال: إنما يخاف الحدث من خراسان، وهذا الحدث من سجستان فلا تخفه، ثم خرج عبد الملك على الناس فحمد الله ﷿ وأثنى عليه ثم قال: إن أهل العراق قد استطالوا عمري فاستعجلوا قدري فسلط اللهم عليهم سيوف أهل الشام حتى تبلغ رضاك.

وصار الحجاج إلى البصرة فأقام بها، وعزم على لقاء ابن الأشعث، وكان المهلب كتب إليه يشير عليه أن لا يقاتله حتى يرد الناس منازلهم، فيركنوا إلي الدعة وتمنعهم الرقة على أولادهم وعيالاتهم من المحاربة، وتحدث لهم آراء غير آرائهم وينتقصوا عند التفرق عن أمرهم، ويعظ الرجل أخوه، والرجل قومه، فينفسح عزمه، فلم يلتفت إلى كتابه ومشورته، وكان الحجاج أقدم سفيان بن الأبرد الكلبي من طبرستان، وأخذه بالحساب، فكان محبوسا عنده، فلما حدث هذا الحدث دعا به خاليا فشاوره فيه، فرأى له أن يستقبل ابن الأشعث ويجعله على خيله، وأحب بذلك التخلص من الغرم، فقبل قوله لموافقته هواه، ورفض رأى المهلب، وجعل


(١) لعلع: منزل بين البصرة والكوفة. معجم البلدان.