فأخرجتهم العماليق، بعد حين، من منزلهم. فنزلوا موضع الجحفة. فأتى عليهم سيل، اجتحفهم إلى البحر. فسمى الموضع الجحفة. وكان مع العماليق رجل من بني عبيل، فنجا. فقال، فيما يزعمون:
عين بكّى وهل يرجع … ما فات فيضها بالسجام
عمّروا يثربا وليس بها … شر ولا صارخ ولا ذو سنام
وقال الربيع بن خثيم: ملأت عاد ما بين الشام واليمن.
حدثني بذلك أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن بهدلة، عن الربيع قال:
إنّ عادا كانوا قد ملأوا ما بين الشام إلى اليمن؛ من دلّني على رجل من آل عاد، فله ما شاء. ونزلت العماليق في أول الأمر صنعاء اليمن. ثم انتقلوا إلى يثرب فنزلوها. وإنما سمّيت يثرب برئيس لهم، يقال له يثرب.
ثم انتقلوا إلى ناحية فلسطين من الشام. ومضت عامتهم إلى مصر، وناحية إفريقية. وتفرقوا بالمغرب. فالبرابرة منهم. والبرابرة اليوم يقولون: نحن بنو برّ بن قيس. وذلك باطل. وإنما غزا رجل من التبابعة، يقال له أفريقيس بن قيس بن صيفي الحميري إفريقية فافتتحها. فسميت به.
وسمع كلام هؤلاء العماليق، فقال: ما أكثر بربرتهم. فسموا البرابرة.
وأقام مع البرابرة: بنو صنهاجة، وكتامة من حمير. فهم فيهم اليوم.
ونزلت ثمود الحجر، بين الحجاز والشأم؛ وبه أهلكوا.
ونزلت طسم بين اليمن واليمامة.
ونزلت جديس بموضع اليمامة. وكانت اليمامة تعرف بجوّ؛ سمتها جديس بذلك. وكانت بين طسم وجديس حروب، أفنت جديس فيها أكثر طسم. فقال القائل: