في طلبهم فقتلوهم وأسروهم أنّى شاؤوا، وكان في الأسرى رجل من همدان فقال لابن الأشعث: أصلح الله الأمير أنا أحد أخوالك، فقال: ابدأوا بخالي فقدم وقتل وذلك يوم النحر سنة إحدى وثمانين يوم الجمعة، ويقال عشية عرفة، واستباحوا عسكرهم، وكان الحجاج حين جاءه رسول مظهر صعد المنبر فخطب وقال: احمدوا الله على هلاك عدوكم، فما نزل حتى جاءه بخبر هذه الوقعة عبيد بن سرجس مولاه، فقال: أيها الناس ارتحلوا بنا إلى البصرة، فإن هذا مكان لا يحتمل الجند، وانصرف حتى نزل الزاوية، وبعث إلى طعام التجار بالكلاء فأخذه فحمله إليه، فقال: من كان منهم وليا لنا رددنا عليه، ومن كان عدوا فماله ودمه حلال لنا، وخلى البصرة لأهل العراق وكان عامله عليهم الحكم بن أيوب الثقفي الذي يقول فيه الشاعر:
قد كان عندك صيد لو قنعت به … فيه غنى لك عن دراجة الحكم
وفي عوارض ما تنفكّ تأكلها … لو كان يشفيك أكل اللحم من قرم
وكان الحكم بن أيوب بن الحكم بن أبي عقيل هذا أبخل الخلق، وكانت له دراجة يؤتى بها بعد الطعام، وكان استعمل رجلا من بني تميم يقال له العظرت علي بعض الفروض فقدم عليه والدراجة بين يديه، فدعاه إلى الأكل فأكل معه من دراجته، فعزله وقال له الحق بأهلك، والعوارض ما أنكسر فنحر، يقال: أهذا لحم عبيط، أم لحم عارضة؟ وقال الهيثم بن عدي: هزم ابن الأشعث صاحب الحجاج يوم دجيل وقتل من أصحابه ثمانية آلاف، وقال غيره: قتل ألفين.