قال وجاء ابن الأشعث وأهل العراق حتى دخلوا البصرة فبايعه أهلها على حرب الحجاج وخلع عبد الملك، وسارع إليه القراء والكهول، وكان الحجاج أمر سفيان بن الأبرد الكلبي حين أقبل إلى البصرة أن يكون في أخريات الناس فيهدم القناطر، ويقطع الجسور، وضم إليه جماعة ففعل سفيان ذلك، وكان نزول الحجاج الزاوية يوم الخميس لسبع ليال بقين من ذي الحجة سنة إحدى وثمانين، وكان عياش بن الأسود بن عوف الزهري حين بلغه أمر ابن الأشعث جمع بسوق الأهواز رجالا ثم أتاه ومحمد بن الأسود فكانا معه، وكان أول من دخل البصرة هميان بن عدي السدوسي، وكان شجاعا، وكان الحجاج قد حبس امرأته في قصر المجيزين، وهي أم بكر من ولد شقيق بن ثور السدوسي، وكان معه قوم نصروه فأخرجوها وقوما كانوا محبوسين معها، فقال الشاعر:
فمن للمرهقين إذا استجاروا … ونادى المحصنات أبا جرير
وهي كنية هميان، وعارض سفيان بن الأبرد هميان حين أخرج امرأته من محبسها فقاتله حتى دخل ابن الأشعث والناس.
وقال زادا نفروخ بن تيرى المجوسي كاتب الحجاج: إنك إن منعتهم من دخول البصرة حاربوك بجد واجتهاد لطول غيبتهم عن أوطانهم، وإن أنت تنحيت وتركتهم فرجعوا إلى أهليهم قل من يحاربك منهم.