قوم من الثغور، ولحق به عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب في جماعة من فرسان أهل البصرة ووجوههم ممن لم يأمن الحجاج، ولم يثق بأمانه، وتلاحق به أصحابه، وقام الحجاج بالبصرة خطيبا فقال: إنكم خالفتم وعصيتم وأحللتم بأنفسكم، فعفوت عنكم، وقد قدرت، وأنا أقسم لكم بالله لئن عدتم لمثل فعلكم لأقتلن مقاتلتكم ولأحربنكم بأموالكم.
وأقام فيما يقال بالبصرة نحوا من شهر، ثم خرج منها إلى الكوفة ومعه زياد بن عمرو العتكي، فرفع إلى الحجاج أن عند زياد ثقل عبد الله بن يزيد بن المغفل ونجائبه وإبله، فسأله الحجاج عن ذلك فأقر به، وقال:
أصلح الله الأمير كان رجلا من قومي، فوالله ما شعرت بشيء حتى رأيته في داري وثقله، فاستحييت منه، وخرج هاربا، وكانت مليكة بنت يزيد بن المغفل أخته امرأة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، قال: أفتؤوي ثقله، وقد عرفت عداوته لي وللمسلمين، فأين ثقله الآن؟ قال: ألحقته به، إلا ما لا بال به، فشده في الحديد، وخرج به معه، فبعث زياد ابنه الحواري بن زياد إلى عبد الملك فأعلمه علمه، فكتب إلى الحجاج:«أما بعد فإنه بلغني أنك حبست زياد بن عمرو العتكي، وليس مثل زياد حبس، ولا ظن به سوء، فخل سبيله حين يأتيك كتابي، فإنه من أهل السمع والطاعة والمناصحة قديما، والسلام».