للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان عبد الملك كتب إلى محمد بن مروان في المسير إلى العراق من الجزيرة لأنه كان عامله عليها، وكتب إليه بمثل ما أوصى به ابنه عبد الله، وقوم يزعمون أن محمدا كان حاضرا فأوصاه مشافهة، والأول أثبت.

قالوا: فلما قدم عبد الله ومحمد على الحجاج، وقد أوصيا بما أوصيا به، اشتد ذلك على الحجاج فكتب إلى عبد الملك: والله لئن أعطيت أهل العراق ما يحبون من نزعي، وعرفوا أنك تحب مداراتهم لم يلبثوا إلا قليلا حتى يخالفوك ويسيروا إليك، ألم تسمع بوثوب أهل الكوفة على عثمان، فلما سألهم عما يريدون قالوا: نزع سعيد بن العاص، فلما نزعه لم تتم لهم السنة حتى ساروا إليه فقتلوه، وإن بعض الشدة أبلغ في السياسة وأحزم في الرأي فإن الحديد بالحديد يفلح، خار الله لك فيما ارتأيت.

وأبى عبد الله إلا عرض هذه الخلال على أهل العراق طلبا للعافية، فخرج عبد الله ومحمد حتى وقفا على عسكر أهل العراق فقال لهم: أنا عبد الله ابن أمير المؤمنين، وهذا عمي محمد بن مروان، وإن أمير المؤمنين يعطيكم كذا وكذا، وأدى رسالة أبيه، فقالوا: ترجع العشية لنعرفك رأينا.

ثم اجتمعوا إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فقال لهم: إنكم قد أعطيتم ما سمعتم فاقبلوا ما عرض عليكم وأنتم أعزاء أقوياء، إن كانوا قد نالوا منكم يوم الزاوية قبلا فقد نلتم منهم يوم تستر مثله، وهذه فرصة لكم فانتهزوها.