أفيكم الأمير؟ فلم يكلموه، فأتى أهله فأوصاهم ثم خرج من الكوفة فأتى المدائن ثم أتى مأمنه.
واستقبل مطر بن ناجية الناس فحمل على أصحاب الحجاج في خيل لبني حنظلة فخرقهم حتى جازهم، ثم حمل عليهم راجعا فقال الحجاج:
دعوهم لا تتبعوهم.
ثم إن الناس مضوا منهزمين، وجال أصحاب الخيل في متونها، واسودت الأرض من الرجالة، وتنحى عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة في ناس، ناس كثير فقاتلوا معه قتالا شديدا بعد ما ذهب أكثر النهار، وشغل الحجاج وأهل الشام عن الناس حين انهزموا وكثرت عليهم الأسراء فقتل بعضهم وعفا عن بعض كراهة أن يفنيهم، وقال من لثغورهم إذا ذهبوا؟ وأمر الحجاج فنودي: إن من رجع فهو آمن، ومضى حتى نزل دير النساء (١)، وكان على الكوفة من قبل عبد الرحمن بن محمد: عبد الله بن إسحاق بن الأشعث فهرب حتى لحق بعبد الرحمن بن محمد، ومضى عبد الرحمن إلى المدائن، ثم أتى مسكن الأهواز وهي بقرب تستر، واجتمعت إليه فلوله من أهل الكوفة وغيرهم وتلاوموا في الفرار.
وقال الهيثم بن عدي وغيره: أتى ابن الأشعث بعد الجماجم الكوفة فحمل ولده ونساءه وماله، ثم أتى المدائن فزحف إليه الحجاج فمضى نحو البصرة فقاتله الحجاج بفج دجيل.
(١) لعل المعني هنا هو دير العذارى الذي ذكره الشابشتي في كتابه الديارات - ط. بغداد ١٩٦٦ ص ١٠٧ - ١٠٨.