للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا لكما سمتني أمي سعيد، دعوني أصلي ركعتين. فقال: وجهوه إلى قبلة النصارى. قال: أينما ﴿تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ﴾ (١).

وحدثني علي بن الحسين بن عرفة عن أبيه عن الحارث بن أبي الزبير المدني عن عبد العزيز بن زمعة العامري حديثا طويلا اختصرته، أن الحجاج أرسل إلى سعيد بن جبير فأتي به فلما دخل عليه قال: أنت شقي بن كسير؟ قال: أنا سعيد بن جبير. قال: أنت شقي بن كسير. قال: أمي كانت أعلم باسمي منك، فقال لصاحب عذابه: اسمعني صوته فعذبه صاحب العذاب فلم يسمع له الحجاج صوتا فقال له: ألم آمرك ان تصبّ عليه العذاب حتى تسمعني صوته؟ قال: قد عذبته بألوان العذاب فلم أر أصبر منه قط. فدعا به الحجاج فقال: أو تصبر على عذابي؟. قال: إن من ذكر عذاب الله هان عليه عذابك. فقال: لألحقنك بأمك الهاوية، فقال سعيد: لو علمت أنّ ذلك إليك لأتخذتك إلها دون الله. ثم أمر به أن يقتل فتبسم، فقال له: ألم تقل لي أنك لم تضحك قط؟. قال: ضحكت للتعجب من جرأتك على الله واغترارك بحلمه. وانحرف إلى القبلة فعدل به عنها فقال: أينما ﴿تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ﴾.

وقال سعيد: اللهم لا تمهله، فقدم فضربت عنقه، ويقال ذبح ذبحا، فأخذ الحجاج الزمهرير، وقرّح جوفه حتى كانت القديدة تدلّى في حلقه ثم تجبذ فيخرج فيها الدود وهو يصيح: مالي ولسعيد بن جبير، فلم يزل كذلك حتى مات.


(١) سورة البقرة - الآية:١١٥.