للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: يا بن اللخناء لا تعجل علي، إن الناس أجمعوا على أبي بكر وعمر، واختلفوا في عثمان، فوسعني أن أكله إلى الله.

قال: أما والله لألحقنك بالنار. قال: أما ترضى أن تكون مالكا في الدنيا حتى تكون مالكا في الآخرة، فقال الحجاج: علي بصاحب العذاب، فدفعه إليه وقال: أسمعني اليوم صوته. قال: نعم. فقال حطيط:

كذب. فجعل يعذبه حتى وضع الدهق على ساقيه وكان ثقيلا فكسر إحدى ساقيه وقال: أنا فلان، فقال حطيط: لعنك الله تتكنى علي لئن كسرت ساقي. فجعل يعذبه هو ساكت لا يتكلم فأخبر الحجاج بأمره، فدعا به فحمل حتى وضع بين يديه فقال له الحجاج. أتقرأ من القرآن شيئا؟ فقال حطيط: بل أنت تقرأ. فقرأ الحجاج: ﴿هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ﴾ حتى بلغ ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً﴾ (١) فقال حطيط: وأنت تقتلهم.

قال: فبينا هو يحاوره إذ وقع ذباب على بعض جراحاته فقال:

حس، فقال الحجاج: يا بن اللخناء أتجزع من ذباب ولا تجزع من العذاب؟ قال: يا بن اللخناء إني عاهدت الله عليك ولم أعاهده على الذباب. عاهدت الله لأجاهدنك بيدي ولساني وقلبي، فأما يدي فما أجد عليك أعوانا، وأما لساني فقد تسمع، وأما قلبي فالله أعلم بما فيه.

فقال الحجاج: علي بمسال الحديد فجعلت تدخل فيما بين الظفر واللحم وهو ساكت، فقال بعض جلساء الحجاج: ما أصبره، فقال


(١) سورة الأنسان - الآيات:١ - ٨.