المهلب لخالد: أصلح الله الأمير إنك قد أبيت أن تخندق وأن تدخل سفنك الزايذان فحول ما في سفنك فأبى.
وأقبل الخوارج يريدون أن يبيتوا خالدا، فأخذوا سفنا فيها قصب فألهبوا فيها النيران وحدروها على سفن خالد، وأقبلوا هم على خيولهم، وأحرقت النيران سفن خالد، وأقبل الخوارج حتى خالطوا عسكر خالد لا يلقون أحدا إلاّ قتلوه ولا دابة إلاّ عقروها ولا فسطاطا إلاّ هتكوه وألهبوا فيه النار، فبعث المهلب يزيد ابنه في مائة فارس فخرج من الخندق، وجاء الصلت بن الغضبان الجذعي في مائة، وجاء فيروز حصين في مائة من مواليه، وجاء عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث في مائة، فحمل الخوارج عليهم فصرع يزيد بن المهلب فقاتلوا عنه حتى ركب، وأبلى عبد الرحمن بن الأشعث فصرع، وحامى عليه قوم من همدان، وأبلى الصلت، ورماهم فيروز بالنشاب حتى أخرجوهم من العسكر، فانصرفوا على حاميتهم إلى عسكرهم، ونادى ملاّحو قطري ملاّحي خالد: تعالوا إلى خير الناس وأوفاهم فقال أعشى همدان لعبد الرحمن بن الأشعث في قصيدة.
ويوم أهوازك لا تنسه … ليس الثنا والمدح بالبائد
وأصبح عسكر خالد كأنه حرة سوداء من الرماد، فنادى الخوارج خالدا: ذهبت سفنك لولا هذا الساحر المزوني لأهلكك الله وأخزاك.
وقال خالد للمهلب لما رأى ما بعسكره من القتلى والجرحى: كدنا نفتضح. فقال: إن لم تخندق عادوا إليك. فقال: اكفني أمر الخندق فقام المهلب بالخندق حتى أحكمه فقاتل قطري خالدا بعد أن خندق ثلاث