وألصق المهلب بعبد ربه، وقال عبد ربه: يا معشر المهاجرين إن قطريا وعبيدة هربا رجاء البقاء ولا سبيل إليه فألقوا عدوكم غدا فإن غلبكم على الحياة فلا يغلبنكم على الموت.
فقاتلوا المهلب فقتل عبد ربه، وطلب بعض أصحابه الأمان، ومضى عمرو القنا إلى خراسان فمات بها، ومضى بعضهم إلى سجستان.
وحوى المهلب عسكر الخوارج وأصاب به جرحى فدفع كل جريح إلى قومه، ورجع المهلب إلى جيرفت فقال: الحمد لله الذي ردنا إلى الخفض والدعة فما كان عيشنا بعيش.
قالوا: ونظر المهلب في مجلسه إلى قوم لا يعرفهم فقال: ما أشدّ عادة السلاح. قالوا: فقام في الحين فلبس سلاحه وقال: خذوا هؤلاء فأخذوا فقال: من أنتم؟ قالوا: أردنا غرتك لنقتلك. فقتلهم.
وقال الهيثم بن عدي: اعتزل عبد ربه الصغير في أربعة آلاف، والصغير مولى بني قيس، واعتزل عبد ربه الكبير في سبعة آلاف، والكبير مولى بني يشكر. فقاتل المهلب الصغير فقتله وأصحابه، ومضى قطري وبقي الكبير فقاتله المهلب فقتله أيضا.
قالوا: وكتب المهلب إلى الحجاج: «أما بعد فالحمد لله الكافي بالإسلام فقد ما سواه، الذي أوجب المزيد بالشكر، وقد كان من أمرنا وأمر عدونا ما قد انتهى إليك خبره بعد مطاولة نلنا فيها منهم ما لم ينالوه منا، وأدنيت السواد من السواد حتى تعارفوا بالوجوه وقاتلت الأغمار، وكان