للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يسوءهم منا دون ما يسرهم (١)، وما يسرنا منهم فوق الذي يسوءنا حتى وقع بينهم الاختلاف ففرق الله أهواءهم وألقى بأسهم بينهم، ولم يزل الله يمحصنا (٢) ويمحقهم، وينصرنا ويخذلهم حتى بلغ بنا وبهم الكتاب أجله، فقطع دابر الكافرين والحمد لله رب العالمين (٣)».

فكتب إليه الحجاج: «إن الله صنع بالمسلمين خيرا، وقد فرغتم من عدوكم وأراحكم من كثير مما كنتم فيه، فاقسم ما أفاء الله عليك فيمن معك. فأما قطري وعبيدة فنحن كافوك إياهم بعون الله وتوفيقه، فأقبل وليكن معك بنوك وفرسانك ولا تطمعن أحدا في اللحاق بأهله دون قدومك علي، واستخلف على كرمان».

فاستخلف ابنه يزيد وأوصاه بالقصد والمبالغة في الأمور، وكان قد بعث بكتاب الفتح مع كعب الأشقري، ومرّة بن تليد الأزدي، أزد شنوءة، فأنشد كعب الحجاج قوله:

يا حفص إني عداني منكم السفر ..

فقال الحجاج: أخطيب أنت أم شاعر؟ فقال: خطيب شاعر.

قال: فأخبرني عن بني المهلب. قال: المغيرة سيدهم وأشجعهم وحسبك بيزيد فارسا وما يستحي شجاع أن يصد عن مدرك، وما لقي الأبطال مثل حبيب، وعبد الملك موت ناقع، وكفاك ببأس مفضل ونجدته، وأسخاهم قبيصة، ومحمد ليث عاد. ثم قال لابن تليد: أخبرني


(١) بهامش الأصل: وكان ما يسرهم منادون ما يسوءهم.
(٢) التمحيص: الابتلاء والاختبار. القاموس.
[٣] الآية في سورة الأنعام (٤٥) (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد للَّه رب العالمين.