فقام زهرة بن حويّة التميمي فقال: إني كبير السنّ ضعيف، ولكن أبعث رجلا، وأكون معه وأشير عليه، فقال الحجاج: جزاك الله خيرا عن أوّل أمرك وآخره.
وكان زهرة ممن شهد القادسية، فكتب إلى عبد الملك يخبره أنّ أهل الكوفة قد عجزوا وضعفوا عن شبيب، ويسأله أن يبعث إليه رجلا ذا شجاعة ونصيحة، فوجّه إليه سفيان بن الأبرد الكلبي في أربعة آلاف، وحبيب بن عبد الرحمن الحكمي في ألفين، ويزيد بن هبيرة المحاربي معهما، وبعث الحجاج قبل قدومهم إلى عتاب بن ورقاء الرّياحي وهو مع المهلب، فقدم عليه فجعله على أهل الكوفة وضمّ إليه زهرة بن حويّة.
وكان بشر بن مروان وجّه عتّابا إلى المهلب وهو بالأهواز فحارب قطري بن الفجاءة، وأتى شبيب بهرسير (١) فنزل مدينتها، وبعث إليه مطرف بن المغيرة أن ابعث إليّ من أناظره فكان من أمره ما كان مما قد ذكرناه في كتابنا هذا.
ووجّه الحجاج عتّاب بن ورقاء، وشبيب يومئذ في ستمائة فواقعه عتّاب فقاتل وصبر فقتل عتاب، قتله رجل يقال له عمرو بن عبد عمرو من بني تغلب ويقال الفضل بن عامر الشيباني ويقال عامر بن عمرو، ووطيء زهرة بن حوية فجعل يذب بسيفه وهو شيخ ضعيف البصر لا يستطيع القيام، فجاء الفضل بن عامر الشيباني فقتله وذلك بسوق حكمة على ستة فراسخ من المدائن، فلما رأى شبيب زهرة قال: لئن كنت قتلت ضالا لربّ
(١) بهرسير: من نواحي سواد بغداد قرب المدائن. معجم البلدان.