للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقتلت غزالة واحتز رأسها فقال الحجاج: والله ما قوتل شبيب قبل يومه هذا ومرّته هذه.

وهرب شبيب فبعث الحجاج في إثره حبيب بن عبد الرحمن الحكمي في ثلاثة آلاف من أهل الشام فقاتله بالأنبار حتى كره بعضهم بعضا.

وأتى شبيب واسطا من ناحية أرض جوخى، ثم أتى الأهواز وتجاوزها إلى فارس حتى إذا قوي واستراش عاد إلى الأهواز فلقيه سفيان بن الأبرد وحبيب والشاميون عند جسر دجيل بالأهواز، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى اضطر الخوارج إلى الجسر فلم يجدوا عنه محيصا، فلما انتهى شبيب إلى الجسر نزل ونزل معه مائة فقاتل أشد قتال، فلما رأى سفيان صعوبة أمرهم أمر الرماة فرشقوهم بالنبل، وكرّ شبيب على الرماة فصرع منهم أكثر من ثلاثين، ثم قال لأصحابه: اعبروا رحمكم الله. وقدّمهم وبقي في أخريات الناس.

ورأى فرسه رمكة (١) بعض أصحابه فتحصّن (٢) فزلّت رجل فرسه فسقط في الماء وهو يقول: ﴿لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً﴾ (٣).

ويقال إنه لما قاتلهم قال لأصحابه في المساء: قد انصرف عنكم عدوكم فاعبروا بنا فإذا أصبحنا قاتلناهم، ومرّ وهو يركض فلما سار في وسط الجسر قطعه قوم من بني شيبان كانوا حقدوا عليه قتل من قتل في ساتيدما، فغرق.


(١) الرمكة: الفرس الأنثى والبرذونة تتخذ للنسل. القاموس.
(٢) أحصن: تزوج، والمحصن: الفرس الذكر والمقصود أن حصانه أراد أن ينزو. القاموس.
(٣) سورة الأنفال - الآية:٤٢.