وطلب حوشب بن يزيد فاستخفى، وأخذ ميمون العذاب مولى حوشب بن يزيد بن رويم الشيباني، وكان حوشب يومئذ على الشرطة والاستخراج، وميمون خليفته على الاستخراج وطلب حوشبا فلزم منزله ولم يبرح، وجعل أصحاب شبيب يضربون باب القصر ويقولون: يا عدو الله، يا بن أبي رغال، يا أخا ثمود، أخرج. ففي ذلك يقول وصيلة بن عتبان الشيباني:
لعمري لقد نادى شبيب وصحبه … على الباب لو أنّ الأمير يجيب
فأبلغ أمير المؤمنين رسالة … وذو النّصح لو تصغي إليه قريب
أتذكر إذ دارت عليك رماحنا … بمسكن والكلبيّ ثمّ غريب
فلا صلح ما دامت منابر أرضنا … يقوم عليها من ثقيف خطيب
فإنّك إلاّ ترض بكر بن وائل … يكن لك يوم بالعراق عصيب
فلا ضير إن كانت قريش عدى لنا … يصيبون منّا مرّة ونصيب
فإن يك منهم كان مروان وابنه … وعمرو، ومنهم هاشم، وحبيب
فمنّا سويد والبطين وقعنب … ومنّا أمير المؤمنين شبيب
غزالة ذات النّذر منّا حميدة … لها في سهام المسلمين نصيب
يقال إنها نذرت أن تصعد منبر الكوفة.
ومنّا سنان الموت وابن عويمر … ومرّة فانظر أيّ ذاك تعيب
فقال عبد الملك: كلهم والله أعيب.
فلما طلع الفجر قال شبيب لبعض أصحابه: أذّن، فأذّن وأقام وتقدم شبيب فصلى بهم الغداة وقرأ بهم بسورة البقرة وآل عمران حتى كادت الشمس تطلع، ثم جلس وسط المسجد ساعة وأقبلت الخيول فقال