للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جرهم بمكة وما حولها. فلما قبض الله Object نبيه إسماعيل Object، قام بأمر البيت بعده قيذر بن إسماعيل، وأمه جرهمية. ثم نبت بن قيذر، ثم تيمن بن نبت، ثم نابت بن الهميسع بن تيمن بن نبت. فلما مات نابت، غلبت جرهم على البيت، فكانوا ولاته وقوّامه ما شاء الله. وتفرق ولد إسماعيل من العرب بتهامة، وفي البوادي والنواحي إلا من أقام حول مكة من ولد نزار، تبركا بالبيت. فلما أرسل الله جل وعز على ولد سبأ بمأرب ما أرسل من سيل العرم - وهو سدّ كان لهم بين جبلين - تفرقت الأسد (١)؛ وانخزعت منها خزاعة، وهم ولد لحيّ بن حارثة، وأفصى بن حارثة بن عمرو، مزيقيا، فنزلوا بظهر مكة. فلم يزالوا يكثرون؛ وتقلّ جرهم لاستخفافهم بالبيت وفجورهم فيه، حتى غلبتهم خزاعة وألفافها على مكة، وطردوهم عنها. فدخل بعضهم في قبائل اليمن. ونزل بعضهم بين مكة ويثرب، فأصابهم الداء الذي يعرف بالعدسة، فهلكوا.

قال هشام: ومما يروى في خروج جرهم من مكة شعر عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي:

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا … أنيس ولم يسمر بمكة سامر

ولم يتربع في واسط فجنوبه (٢) … إلى المنحنى من ذي الأراكة حاضر

بلى نحن كنا أهلها فأزالنا … صروف الليالي والجدود العواثر

وكنا ولاة البيت من بعد نابت … نطوف بذاك البيت والخير ظاهر

وقال أيضا:

يا أيها الناس سيروا إنّ نظركم … أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا


(١) - الأسد هم الأزد، قال الوزير المغربي في الايناس في علم الأنساب - ط: الرياض ١٩٨٠ ص ٥٧: «ويقال الأسد - بوزن العقل - وهو الأفصح، إلاّ أن الأول أكثر».
(٢) - وردت الشطرة بهذا الشكل وهي مختلة الوزن.