للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضربة إلى الثلاثين، فقال: أهذه الهيبة مع هذه العقوبة؟ قالوا: نعم.

قال: الأمر إلى الله، لقد حذرت أمير المؤمنين إيّاه، وإن الوليد لأهل للنصيحة.

فكتب الحجاج إلى الوليد: إنّ أهل المدينة قد اتخذوا عمر بن عبد العزيز كهفا، وقد تحبب إلى أهل المدينة، فما يتقدمه عندهم أحد. فعزل الوليد عمر عن المدينة، وولى عليها عثمان بن حيّان المرّي.

وأخبر عمر بن عبد العزيز بلحن الوليد فقال: إنه وإن لحن لأجدّ الجدّين.

وقرأ الوليد في الحاقّة: (﴿يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ﴾ (١)، فقال سليمان:

وأنا والله وددتها، وكان سليمان يسمع الوليد يلحن في خطبته فيقول: الله المستعان.

المدائني قال: مرض الوليد بن عبد الملك فرهقته غشية، فمكث عامة يومه عندهم ميتا، فبكي عليه وخرجت البرد بموته، فقدم رسول على الحجاج بمثل ذلك، فاسترجع ثم أمر بحبل فشدّ في يده ثم أوثق إلى أسطوانة وقال: اللهم لا تسلّط عليّ من لا رحمة له. فطالما سألتك أن تميتني قبل أمير المؤمنين، فبينا هو كذلك إذا قدم عليه بريد بإقامته فخر ساجدا وأعتق كل مملوك له.

ويقال إنه قال: اللهم إني لم أدعك في موطن أصابني فيه سوء إلا استجبت لي، وقد سألتك أن تقدّم يومي قبل يوم الوليد، فلما جاءه البريد بعافيته خرّ ساجدا، وأعتق كل مملوك له، وتصدق بصدقة كثيرة.


(١) سورة الحاقة - الآية:٢٧.