للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليتكلم أكبركم سنا، فقال الفتى: يا أمير المؤمنين، ليس الأمر بالسنّ ولو كان كذلك كان في المسلمين من هو أسنن منك، قال: صدقت. فتكلم فقال: إنّا لم نأتك رغبة ولا رهبة، أما الرغبة فأتتنا في بلادنا ودخلت علينا منازلنا، وأما الرهبة فإنا أمنّاها بعدلك.

قال: فما أنتم؟ قال: نحن وفد الشكر. فنظر محمد بن كعب القرظي إلى وجه عمر يتهلل، فقال: يا أمير المؤمنين لا يغلبنّ جهالة القوم بك معرفتك بنفسك، فإنّ من الناس ناسا غرّهم الستر وخدعهم حسن الثناء وأنا أعيذك بالله من أن تكون منهم. فبكى عمر.

حدثني عبد الرحمن بن حزرة أحد ولد جرير بن عطية الخطفى قال:

وفد جرير على عمر بن عبد العزيز فغبر حينا لا يصل إليه، ثم رأى ذات يوم عون بن عبد الله المسعودي يريد الدخول عليه وكان قارئا فقام إليه جرير فقال له:

يا أيها القارئ المرخي عمامته … هذا زمانك إني قد مضى زمني

أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه … إني لدى الباب كالمصفود في قرن

فقال له عون: إن أمكنني ذلك فعلت إن شاء الله.

فلما دخل عون على عمر سلم وجلس حتى فرغ من حوائج الناس، ثم أقبل عليه فقال: يا أمير المؤمنين إنّ ببابك جرير بن عطية وهو يطلب الإذن، فقال عمر: أو يمنع أحد من الدخول؟. قال: لا يا أمير المؤمنين لكنه يطلب إذنا خاصا ينشدك فيه. قال: يا غلام أدخل جريرا. فأدخل إليه وعون جالس فأنشد جرير عمر: