للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كان يوم الجمعة صعد المنبر فقال: الحمد لله على ما أعطى والحمد لله على ما بقّى، والحمد لله على ما أخذ. ثم كتب إلى جميع عمّاله:

عدي بن أرطاة الفزاري وغيره: «إن الله وهب عبد الملك بن عمر فمتّعني به ما شاء أن يمتعني به، ثم قبضه إليه، فأعوذ بالله أن تكون لي مشيئة في غير ما أحبّ الله، فإذا جاءك كتابي هذا فلا أعلمنّ ما بكي عليه قبلك، وأكثر من الاستغفار له إن شاء الله، والسلام».

وقال سحيم بن حفص: قام عمر على قبر ابنه حين دفنه فقال:

رحمك الله إن كنت لتسرني حيا فأنا بك اليوم أسرّ، فرحم الله من قال:

رحمك الله يا عبد الملك.

المدائني عن سحيم أن عبد الملك قال لعمر أبيه: يا أبه لعله يمنعك أن تقوم بالحق مخافة هؤلاء - يعني بني مروان - فوالله لوددت أن القدور تغلي بنا وبهم. فقال: يا بنيّ صبرا فإن الخمر كانت محرّمة عند الله، فأنزل فيها آيتين قبل أن ينزل تحريمها.

وقال أبو اليقظان: بلغ عمر عن ابنه عبد الملك أمر كرهه فكتب إليه: «بلغني عنك بعض ما أكره، ولو كنت تقدمت إليك فيه لأتاك مني ما تكرهه، واذكر أنّ أباك كان عند أبيه مطرحا يفضّل عليه الكبير ويؤثر عليه الصغير، واذكر أن أمك كانت أمة من الأعاجم وليست من خيارهم، فلئن عدت ليأتينّك مني ما لا تحب إن شاء الله».

وقال عمر بن عبد العزيز: إنه لا عمل لمن لا نيّة له، ولا أجر لمن لا خشية له، وإنّ أيمن أحدكم وأشأمه لسانه، فمن حفظ لسانه أراح نفسه وسلم المسلمون منه، وإنّ قوما صحبوا سلاطينهم بغير ما يحق عليهم فعاشوا