قالوا: وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي: إياك والمزاح، فإنه يذهب بالمروءة، وينبت الضغائن. وقال عمر بن عبد العزيز: قال عمر بن الخطاب: الرأي كثير والحزم قليل.
وقال أبو اليقظان عن جويرية: غضب عمر بن عبد العزيز فقال ابنه عبد الملك: أتغضب في قدرك وموضعك الذي وضعك الله به؟ فقال:
أو ما تغضب أنت يا عبد الملك؟ فقال: فما ينفعني سعة جوفي إذا أنا لم أردد الغضب فيه حتى يسكن. فتبسم عمر.
فلما حضرت عبد الملك بن عمر الوفاة قال له عمر: كيف تجدك يا بني؟ قال: أجدني في الموت فاتّق الله يا أبه واصبر. فقال: يا بني ما خلق الله عينا تطرف أحبّ إليّ ولا أعزّ عليّ منك، ولأن تكون في ميزاني أحبّ إليّ من أن أكون في ميزانك.
فقال: يا أبه. ولأن يكون ما تحب أحبّ إليّ من أن يكون ما أحب.
فمات يوم خميس، فخرج عمر في جنازته وقد اكتحل وسرّح لحيته وقال:
أحببت أن أرغم الشيطان. وقال: الذي نزل بعبد الملك أمر كنا نتوقعه، فلما أتى لم ننكره.
وقال كثير:
وحضّ الذي ولّى على البرّ والتّقى … ولم يهمم الباقي بأن يتخشّعا
ولو نزلت مثل الذي نزلت به … بركن شديد من أجأ لتصدّعا
فأصبحت كالمبقي له بعض نفسه … عياضا وبعض قد تولّى فودّعا (١)
(١) ديوان كثير ص ١١٣، وفيه البيتين الأول والثاني فقط.