للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخرى، وإني أمرت أن تجعل أرض من جلا صافية، وأرجو أن يتركوا بذلك عادتهم إن شاء الله».

فكتب إليه عمر: «أما بعد فقد بلغني كتابك، ولعمري لئن لم تدع رجلا خرج من أرض إلى أرض ومن قرية إلى قرية إلا أخذت أرضه ثم عزلت أم متّ لينقطعنّ صاحب الأرض عنها وتبوء بإثمه، وما يجلو رجل عن أرضه إلاّ بأن يحمّل فوق طاقته، فإياك أن تعمل وعمالك بعمل ابن يوسف وعماله، فإنهم كانوا مفسدين وقد قضى الله بأنه لا يصلح عمل المفسدين، وتألّف أهل الأرض فإن أرضيهم وبلادهم أحبّ إليهم من الجلاء إذا عدل عليهم ورفق بهم إن شاء الله والسلام».

المدائني عن بقيّة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض إخوانه: «أوصيك بتقوى الله الذي ابتدأك بإحسانه واحتج عليك بأنبيائه وبرهانه، فإنك مختبر بما كلّفت، ومرتهن بما عملت، وكأن قد وافيت مضجعك، وطالعت مرجعك، واضمحلّت عنك الدنيا، ثم بعثت يوم النشور، ووقفت بين يدي الملك القدير ليجزيك بما كدحت، ويسألك عما اجترحت. فاعمل بدنك فيما ينجيك، ودع عنك ما لا يعنيك، فإنّ الدنيا قد أدبرت، وإنّ أمورها قد تكدرت، وقد رأيت من تقلّب أحوالها وتصرّف أمورها ما فيه معتبر وموعظة لمن أبصر، أعاننا الله وإياك على تقواه، وألهمنا وإياك رضاه، تعاهدني يا أخي بكتابك فإنّ الكتب من الإخوان تديم الودّ والعهد، وتدعو إلى التواصل والتناصح، ولا قوة إلا بالله». وقال بعضهم: إنّ الرجل كتب إلى عمر بهذا الكتاب.