للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدائني قال: غنت حبابة يوما، فطرب يزيد طربا شديدا، فقال:

يا حبيبتي هل رأيت أطرب مني قطّ، قالت: نعم معاوية بن عبد الله بن جعفر الطيار، فكتب إلى عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس عامله على المدينة في إشخاصه إليه، فأشخصه مكرما، فلما بلغه ما أراده له قال: سوءة أعلى كبر السن يستدعى طربي.

فلما قدم على يزيد، دعا يزيد لنفسه بطنفسة خزّ ودعا له بمثلها، وأمر فأتي بجامين مملوئين مسكا فوضعت بين يديه واحدة، وبين يدي معاوية واحدة، ثم دعا بحبابة فغنت، فأخذ معاوية وسادة فوضعها على رأسه وجعل يدور في البيت ويصيح: الدّجر (١) بالنّوى، الدجر بالنوى، فأعجب به يزيد، فضحك وأمر له بثمانية آلاف دينار.

وحدثني صاحب لي عن الزبير بن بكار الزبيري أن يزيد بن عبد الملك قال لحبّابة وسلاّمة: أيتكما غنتني ما في نفسي فلها حكمها، فغنّته سلاّمة، فلم تصب إرادته، ثم غنته حبابة:

خلق من بني كنانة حولي … بفلسطين يسرعون الرّكوبا

فأصابت ما في نفسه، فقال: احتكمي. قالت: تهب لي سلاّمة ومالها. قال: اطلبي غيرها، فأبت، فقال: خذيها ومالها ففعلت، فتداخل سلامة من ذلك أمر جليل، فقالت له حبابة: لن ترى مني خيرا، فسألها يزيد أن تبيعها منه بحكمها فقالت: اشهد أنها حرة فاخطبها إليّ حتى أزوجك إياها فأكون قد زوجتك مولاتي، فضحك.


(١) الدجر: اللوبياء. والحيرة والهرج والسكر. القاموس.