للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من المال، فدعاه يزيد فأعلمه ذلك فانتفى منه وقال: والله ما بقي عليّ درهم، قال: فانطلق إليه ليحاسبك ثم تعود.

فانحدر إلى العراق فأمر به ابن هبيرة فعذّب، فكان كلما عذّب بنوع من العذاب قال: هذا القصاص قد كنت أعذب الناس بمثل هذا. حتى عذب بنوع من العذاب يدعى الفزاري فقال: هذا مما لم أعذّب به.

وكان إياس بن معاوية المرّي دلّ ابن هبيرة على ذلك، فلما ألح ابن هبيرة على صالح بالعذاب جاء جبلة بن عبد الرحمن أخو صالح، وجيهان بن محرز، والنعمان الكسكري فضمنوا صالحا وما عليه فقال الكاتب: أحضروا المال، قالوا: أقبل الليل، فأعلم الكاتب ابن هبيرة ذلك فلم يخرج إليهم حتى أمسوا وانصرفوا، وأصبح صالح ميتا على مزبلة ألقي عليها ليلا وبه رمق حتى مات.

وقال أبو عبيدة: كان محمد بن سعد، كاتب يزيد بن عبد الملك، هو الذي عمل في حدر صالح إلى ابن هبيرة، وذلك أن يزيد بن عبد الملك كان ولى صالحا خراج العراق، وخاف مسلمة على إقطاعه، فقال ابن سعد لصالح: احمل إلي مائتي ألف درهم. فقال: ومن أين أحملها فوالله ما في مالي سعة لها، وما كنت لأخون أمير المؤمنين.

فلما أفضى ابن سعد إلى صالح بذلك وجل منه، فعمل فيه حتى حدّره إلى ابن هبيرة، وكان ابن سعد هذا مولى لبعض اليمانية وكان قد ولي قسمة أرزاق أهل اليمامة فأتاه جرير فحرمه، فقال جرير:

تظلّ عيالي لا فواكه عندهم … وعند ابن سعد سكّر وزبيب

وقد كان ظنّي بابن سعد سعادة … وما الظنّ إلاّ مخطئ ومصيب